هل إضطلعت على تقرير صناديق التحوط الإستثمارية ٢٠٢١ الخاص بالكريبتو والعملات الرقمية؟ جنون!

كتابة الدكتور لؤي الزعبي

أجزم بأنك تريد معرفة كيف تقوم صناديق التحوط العالمية بالإستثمار والإتجار بالبيتكوين والعملات الرقمية في أسواق الكربتو. لا ألومك على الإطلاق. أنا شخصيا أحب أن أعرف كيف يقوم أبطال الإستثمار هؤلاء بالسباحة في أسواق الكربتو العنيفة والمتذبذة ولكن المجزية. معرفة ما يقومون به يمكن أن تفيد في تحسين إستراتيجيتي.

لحسن الحظ، هناك إستبيان تم جمعه من صناديق تحوط عالمية يحتوي على ثروة من المعلومات المفيدة. لسء الحظ طول هذا الإستبيان والتقرير الخاص به ٤٠ صفحة. لا تجزع(ي)، في هذا المقال سأقوم بتلخيص الإستبيان والتقرير لإعطائي كل المعلومات التي تحتاجها أو تحتاجينها للإستثمار في أسواق الكربتو كواحد(ة) من أفضل المستثمرين في صناديق التحوط. وسأقدم وجهة نظري في بعض نتائج الإستبيان والتقرير وما تعنيه بالنسبة لأسواق الكربتو وأسعار العملات الرقمية. لذا، إذا كنت تود(ي) أن تكون(ي) متقدم(ة) عن باقي المستثمرين الأغرار، لا تفوت(ي) قراءة هذا المقال.

التقرير الذي سنتحدث عنه هو التقرير الثالث في سلسلة من التقارير الخاصة بإستثمارات صناديق التحوط في أسواق الكربتو. صناديق التحوط عبارة عن محافظ إستثمارية عملاقة تسعى للإستثمار في أسواق المال والعملات من أجل أكبر ربح ممكن وأقل خطورة على رأس المال المستخدم. العاملين في هذه الصناديق ليسوا مستثمرين أفراد أو هواة، ولكن متخصصين يستخدمون أعقد خوارزميات وإستراتيجيات الإستثمار الحديثة.

تم تصميم هذا التقرير على شكل إستبيان تم خلاله سؤال عدد كبير ومتنوع من إدارات صناديق التحوط حول إستثماراتهم في أسواق العملات الرقمية (الكربتو). تم سؤالهم عن كل شيء يخص أهداف إستثماراتهم وكمية المبالغ المستثمرة والإستراتيجيات العامة لإستثماراتهم.

علاقة حجم الإستثمارات بسعر البيتكوين

يبين التقرير بأن حجم الإستثمارات في أسواق الكربتو كان له علاقة طردية مباشرة بسعر البيتكوين. هذا متوقع. لن يتم إستثمار أموال صناديق التحوط إذا كانت أسواق الكربتو غير نشطة والأسعار منهارة. من المستحيل على صناديق التحوط جمع إستثمارات من وول ستريت إذا كنا في سوق الدببة (إشارة إلى تحكم البائعين بدلا من المشترين).

إستراتيجيات الإستثمار المتبعة

أكثر إستراتيجية متبعة في الإستثمار في أسواق الكربتو من قبل صناديق التحوط الإستثمارية هي إستراتيجية “تصيد فروقات الأسعار”. لا تهتم هذه الإستراتيجية بأسعار العملات الرقمية، ولكن يتم البحث عن فروقات للسعر بين الأسواق للإستفادة منها. للإستفادة من هذه الإستراتيجية يجب الإتجار في الأسواق التي تملك سيولة عالية من العملات الرقمية. لهذا السبب نستنتج بأن صناديق التحوط تستثمر فقط في أكبر خمس عملات رقمية من حيث الحجم في السوق (عند كتابة المقال هذه العملات كانت: البيتكوين، الإيثيريوم، تثير، باينانس-كوين، و الكاردانو ). هذه الإستراتيجية بحاجة لتركيز كبير ووقت وجهد مستمر من قبل فريق الإستثمار. سأعود لأتحدث عن نجاعة وفاعلية هذه الإستراتيجية لاحقا.

الإستراتيجية الثانية هي خليط من الإستثمار طويل الأجل وقصير الأجل لعدد من العملات الرقمية. في هذه الإستراتيجية يتم شراء وبيع العملات الرقمية حسب حركة السوق على المديين القصير والطويل. هذه الإستراتيجية بحاجة لفريق إستثماري ضليع في التحليلات التقنية لحركات أسعار العملات الرقمية.

الإستراتيجية الثالثة من حيث الإستخدام هي إستراتيجية شراء العملات الرقمية للمدى الطويل فقط. هنا يقوم فريق الإستثمار ببساطة بشراء عملات رقمية والإحتفاظ بملكيتها لفترات زمنية طويلة نسبيا. من المثير للتعجب أن هذه الإستراتيجية أتت في المركز الثالث. في نظر معظم المستثمرين في أسواق الكربتو هذه أفضل طريقة للإستثمار في العملات الرقمية. يبدو بأن صناديق التحوط تريد أن تكون أكثر نشاطا في تجارة العملات الرقمية للفوز على التوجه العام لأسواق الكربتو حيث أنهم لا يريدون أن يظهروا بالسلبية وعدم التجارة المستمرة. لا أظن بأن هذا من الحكمة. سأوضح لاحقا ما أعنيه من خلال نتائج الإستبيان.

الإستراتيجية الرابعة من حيث الإستخدام هي إستراتيجية هجينة من كل الإستراتيجيات المذكورة أعلاه.

بعد هذا العرض، ما الذي يمكن إستنتاجه؟ ما نراه هنا أن صناديق التحوط الإستثمارية نشطة أكثر من ما هو متوقع في أسواق الكربتو من ناحية بيع وشراء العملات الرقمية. تحاول فرق المستثمرين في هذه الصناديق الإستثمارية إستخدام طرق وخوارزميات حاسوبية لمحاولة الفوز على وسبق التوجه العام لأسواق الكربتو وتأمين أرباح أكبر. وهذه الفرق أيضا تنشط في مجال المراهنة على هبوط أسعار العملات الرقمية بدلا من إرتفاعها. أيضا، يبدو أن فرق الإستثمار في هذه الصناديق ليسوا مهتمين في إمتلاك والحفاظ على عملاتهم الرقمية لفترات طويلة. ويتضح بأن هذه الفرق تبحث عن فروقات الأسعار بين أسواق الكربتو المختلفة لتصيد فرص الإختلاف في الأسعار للإستفادة منها، حيث يتم الشراء بسعر أقل في أحد الأسواق والبيع بسعر أعلى في سوق اخر.

بروفايلات المستثمرين في هذه الصناديق الإستثمارية

هنا سنفند من هم المستثمرين اللذين خصصوا جزء من ثرواتهم للإستثمار في أسواق الكربتو من خلال صناديق التحوط الإستثمارية.

نتائج الإستبيان تشير إلى أن معظم المستثمرين (٨٠٪) هم من الشخصيات الثرية و صناديق الإستثمار العائلية أو ما يسمى “مكاتب الإستثمار العائلية”. مجموع الإستثمارات القادمة من صناديق الإستثمار التقليدية لا تكاد تذكر. عند التفكير في هذه البيانات فهي معقولة، الأشخاص أو العائلات ليس لديها محددات وإلتزامات قانونية أو مالية كصناديق الإستثمار التقليدية أو السيادية الدولية. فالأشخاص عليهم فقط الإهتمام بأموالهم الخاصة، فإذا أرادوا الإستثمار في أسواق الكربتو، لا يوجد من يمنعهم فهي أموالهم وهم أحرار فيها. نفس الشيء يمكن أن يقال بخصوص مكاتب الإستثمار العائلية، فهي مكاتب إستثمارية تقوم حصريا بالإستثمار لعائلات غنية جدا. عادة ما يحدد عدد من أفراد عائلة مبلغ كبير للإستثمار وحد أدنى من الأرباح ومن ثم يقوم مكتب الإستثمار بمحاولة الوصول لهذه المحددات من خلال الإستثمار نيابة عن هذه العائلة. بالتالي فلهذه المكاتب حرية كبيرة للإستثمار في أسواق الكربتو نيابة عن عملائهم. من الناحية الاخرى، صناديق الإستثمار التقليدية والسيادية وصناديق التقاعد لديها محددات ومتطلبات قانونية ومالية أكبر وأكثر تعقيدا لتتمكن من الإستثمار في أسواق العملات الرقمية (الكربتو). المستثمرين في هذه الصناديق الأستثمارية التقليدية لديهم حد منخفض للمخاطرة لا يحبذون تجاوزه، وعادة ما يخصصون مبلغ قليل جدا من موجودات الصندوق للمشاريع ذات الخطورة العالية مقارنة من الأشخاص فاحشي الثراء والعائلات الثرية.

هذا مؤسف، لأن من يمكن أن يستفيد من إستثمارات صناديق التحوط في أسواق الكربتو ليسوا الأشخاص العاديين وصغار المتعاملين، بل الأشخاص اللذين يمتلكون ثروات كبيرة قبل حتى أن يستثمروا في أسواق العملات الرقمية.

حجم الأموال المستثمرة

بعد الإضطلاع على بروفيلات المستثمرين ستجد(ي) في التقرير تقدير تقريبي لحجم إستثمارات صناديق التحوط الإستثمارية في أسواق الكربتو. معظم هذه الصناديق (٥١٪) تستثمر أقل من ٥٠٠ ألف دولار أمريكي. لكن لا ننسى بأن عدد كبير من المستثمرين هم من الأفراد فاحشي الثراء مما يدفع بمتوسط حجم الإستثمارات إلى مليون دولار.

بشكل عام إرتفع حجم إستثمارات صناديق التحوط الإستثمارية من ٢ مليار دولار في العام ٢٠١٩ إلى ٣٫٨ مليار دولار في العام ٢٠٢٠. يجدر التنويه إلى أن عدد صناديق التحوط الإستثمارية التي تدير حجم أموال أكبر من ٢٠ مليون دولار قد تضاعف في العام ٢٠٢٠ مقارنة بالعام ٢٠١٩.

كيف كانت نتائج الإستثمار؟

سأقوم بتلخيص نتائج الإستثمار حسب إستراتيجية الإستثمار المتبعة من قبل صناديق التحوط الإستثمارية.

مباشرة يمكنك رؤية، وبكل وضوح، بأن أفضل إستراتيجية كانت الإستراتيجية الثالثة وهي إستراتيجية شراء العملات الرقمية والإحتفاظ بها على المدى الطويل (متوسط ربح إستثماري بنسبة ٢٣١٪ ووسط ربح إستثماري بنسبة ٢٩٤٪). تبين النتائج بأن أسوأ نتائج إستثمارية كانت بإتباع الإستراتيجية الأولى والتي كانت أكثر إستخداما من قبل هذه الصناديق (متوسط ربح إستثماري ٨٧٪ ووسط ربح إستثماري ٧٢٪). تذكر بأن الإستراتيجية الأولى والأكثر تفضيلا لهذه الصناديق كانت إستراتيجية “تصيد فرق الأسعار”، مع ذلك كانت الأسوأ عند النظر إلى النتائج.

شراء العملات الرقمية والإحتفاظ بها لفترات زمنية طويلة كان مجدي من حيث النتائج حتى مقارنة مع إستراتيجية الشراء والبيع على المديين القصير والطويل. إذا كنت ممن إستثمروا في صناديق تحوط إستثمارية قامت بالشراء والإحتفاظ بالعملات الرقمية لفترات زمنية طويلة فقط، فقد حصلت على أرباح مضاعفة مقارنة مع من لم يفعل ذلك خلال العامين ٢٠١٩ و ٢٠٢٠.

لاحظ أنه مع نشاط صناديق التحوط الإستثمارية في شراء وبيع العملات الرقمية، فأنت في مكان أفضل بكثير لو أنك إشتريت عملاتك وتمسكت بها. نتائج هذا التقرير دليل اخر على نجاعة مبدأ “إشتري وتمسك”. قم بتحديد العملات الرقمية التي تمتلك خصائص جيدة وفريق عمل حقيقي ومعتبر وإستخدامات حقيقية وواسعة وهدف واضح يحل تحدي وقم بالإستثمار بها على المدى الطويل.

تذكر أنه إذا لم تستطع فرق الإستثمار في صناديق التحوط الإستثمارية بكل ما تملك من قدرات تحليلة وتقنية من تخطي والتغلب على نتائج إستراتيجية “الشراء والتمسك” فلن تستطيع أنت!

لهذا السبب فأنا لا أحبذ التجارة المتكررة اليومية وخصوصا عند الإستثمار على المارجن أو الإستثمار بأموال مستدانة متضاعفة. عند إستخدام هذه الطرق فأنت لن تتخطى أو تتغلب على السوق، بل أيضا تخاطر بخسارة كل ما تملك من عملات محجوزة للإستدانة المضاعفة.

مقارنة نتائج الإستثمار مع سعر البيتكوين

نتائج التقرير تضيء على حقيقة مثيرة للإهتمام. لم تستط أي من الإستراتيجيات المتبعة من قبل صناديق التحوط الإستثمارية من التغلب على إرتفاع سعر البيكوين في العامين ٢٠١٩ و ٢٠٢٠، ولا حتى إستراتيجية شراء العملات والإحتفاظ بها على المدى الطويل. بالتالي حتى لو كنت على يقين بأن العلمية الرقمية التي إخترت ستتحسن على المدى الطويل فلن تصل لنجاح وإرتفاع سعر البيتكوين. لا تزال البيتكوين تبهر الجميع بنتائجها وأرباحها.

المراجع

3rd Annual Global Crypto Hedge Fund Report 2021

اترك تعليقاً